غزة من أقدم مدن العالم، يقال أنها رابع مدينة بنيت على وجه الأرض، أنشأها العرب الكنعانيون في الآلف الثالثة قبل الميلاد، أهميتها الاستراتيجية وموقعها الحساس جعلها محط أنظار الغزاة والمستعمرين منذ ما قبل التاريخ، حافظ سكانها على عروبتهم طيلة الفترة الكنعانية إلى ما بعد قدوم الفلسطينيين في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وصفها الفراعنة بأنها العاصمة المصرية في أرض الكنعانيين، وقد تم اكتشاف العديد من الآثار الفرعونية بالمدينة وما حولها.

تعددت أسماؤها بتعدد الأمم التي توالت عليها، فقد أطلق عليها الفراعنة غازاتو"GAZATU” وسماها الأشوريون في لغتهم بنفس الاسم "غزة"، لكن تعدد منطوقها بتعدد لهجاتهم، فجاءت"AZUTU" و " HAZATI"و "HAZATA” ، أما الكنعانيون فسموها "هزاني"، ويقال بأن غزة تعني القوة أو الكنز، ووصفت في الماضي بأنها مدينة البخور والعطور والتوابل.

كانت غزة محط التجار العرب أثناء رحلاتهم التجارية "رحلة الشتاء والصيف"، توفى بها جد الرسول عليه الصلاة والسلام "هاشم بن عبد مناف" في إحدى رحلاته التجارية في منتصف القرن السادس الميلادي، وأطلق عليها منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا "غزة هاشم"، زارها خاتم النبيين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حين مر بها، وزار قبر جده هاشم، واستحم ببحرها وهو في الخامسة والعشرين من عمره. 

يشتهر القطاع بعدة جوانب، أبرزها الزراعة، حيث تُزرع فيه الحمضيات والزيتون والخضروات، إلى جانب كونه موطنًا لمهنة الصيد التي يعتمد عليها كثير من السكان، كما يضم قطاع غزة صناعات حرفية مميزة مثل الفخار والتطريز الفلسطيني وصناعة الحلويات التقليدية، وتعتبر الأكلات الشعبية مثل الصيادية والمسخن والمفتول من أبرز ما يميز المطبخ الغزي، أما من حيث المعالم فيزخر القطاع بمواقع تاريخية بارزة مثل المسجد العمري الكبير الذي يعود تاريخه إلى العصر الأيوبي، وكنيسة القديس بورفيريوس التي تعد واحدة من أقدم الكنائس في فلسطين، إضافة إلى ميناء غزة القديم، والمنتجعات البحرية التي تشكل متنفسًا لسكان المدينة.

يتمتع قطاع غزة بمناخ متوسطي معتدل، حيث يكون الصيف حارًا ورطبًا، بينما يكون الشتاء معتدلًا مع سقوط الأمطار، في حين يتميز فصلا الربيع والخريف بأجواء لطيفة، إلا أن الوضع الاقتصادي في غزة يواجه تحديات كبيرة نتيجة الحصار المستمر منذ عام 2007، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشكل حاد، مع تضرر القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية بسبب القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير، وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة لا يزال أهل غزة متمسكين بالحياة، متشبثين بالأمل، ويواصلون سعيهم للصمود والتكيف مع التحديات التي تواجههم يوميًا.